السبت، 31 أغسطس 2013

سوريا الفيتنامية . مقالات (امرؤ البحر محمدالعريان).

في عام 1956 اندلعت الحرب الفيتنامية بين فيتنام الشمالية والجنوبية . بعد تمرد جنوبي على حكومة (ديم) الجنوبية ساندته فيتنام الشمالية (الشيوعية) التي كانت تسعى إلى توحيد فيتنام . تطور الموقف ودعمت الولايات المتحدة الامريكية فيتنام الجنوبية وسريعا ما انضمت كوريا الجنوبية والفلبين ونيوزلندا واستراليا وتايلاند . ودعم - الإتحاد السوفيتي والصين - فيتنام الشمالية . وتم تكوين جيش (فيت كونج) الذي حارب الوجود الأمريكي على الأرض . واستمرت المعارك حتى عام 1975.وانتهت بتوحيد فيتنام بعد انتصار الجبهة الشمالية الشيوعية .

كانت فيتنام أشهر بؤرة صدامية بين الرأسمالية الغربية وبين الشيوعية الشرقية .تمثلت في التورط الامريكي على مستوى القتال المباشر , بينما اكتفت الكتلة الشيوعية بإمداد المقاتلين ضدها دون التورط في الأرض .

إن ما حدث في فيتنام يتكرر الآن في سورية , ولكن بشكل مختلف . فقد تم تبادل الأدوار ما بين روسيا والصين الداعمتين للنظام السوري الحالي .وما بين حلف الناتو الداعم للثورة السورية . ففي فيتنام كانت الكتلة الشرقية تدعم فقط بينما في سوريا تُشارك بالفعل على مستوى الأرض . والكتلة الغربية تكتفي بالإمداد .



من خلال نتائج الحرب الفيتنامية نجد أن الإمداد استطاع أن يصنع جيش داخلي قادر على مواجهة الآخر .ذلك أن الجيش الداخلي ستكون لديه دوافع أكبر وستكون لديه المصداقية والقدرة على الحشد السيكولوجي من خلال العرق والدين والتاريخ . ذلك أنه سيحمل دافعين الأول هو تحقيق الانتصار من أجل هدفه الرئيسي (توحيد البلاد) وهدفه المنبثق عن الأول وهو (طرد المُحتل) الذي جاء ليدعم على الأرض النظام المُراد التخلص منه.

عند إسقاط ما حدث في فيتنام على الوضع السوري , وإعادة ضبط الأدوار, سنجد أن الجيش الحر يقوم مقام جيش (فيت كونج) .ولكنه لا يحمل هدف (توحيد البلاد) بل يحمل هدف (إسقاط نظام) والذي انبثق عنه دور (محاربة المحتل) . والمحتل هنا عبارة عن قوى مختلفة من دول مختلفة , جاءت لتدعم النظام لمصالح سياسية واقتصادية ودينية . وعليه فإنه ينبغي ان تكون النتيجة في صالح الجيش الحر كما كانت في صالح جيش (فيت كونج).

ولكن هناك عنصر جديد في هذه المعادلة ألا وهو القوى الميدانية التي تُشارك الجيش الحر في قتاله .هذه القوى ليست سورية .بل هي قوى مختلفة أيضا .هذه القوى تحمل أهداف مُغايرة تماما لأهداف الثورة السورية التي قامت من اجلها .رَغم أن الثورة السورية مثلها مثل جميع ثورات الربيع العربي , ثورات صُنعت مُسبقاً لإعادة تشكيل المنطقة العربية وتصعيد قوى إسلامية مُزيفة (الإخوان المسلمين) لتعمل كنظام واحد بديل عن أنظمة متعددة . ويُمكن تسمية هذه الثورات (حصاد الحصاد). ذلك أن الغرب كان يتعامل مع عدة انظمة مختلفة متباينة التوجه . ولكن بوجود نظام واحد يجمع عدة دول فسيكون من السهل التعامل معها جميعاً طالما ان النظام الصاعد نظام موثوق به .



إن النتائج التي كان من الممكن تحصيلها من قراءة الواقع السوري من خلال حرب فيتنام هي :



1: تمكن الجيش الحر من اسقاط النظام.

2 : طرد المحتل.

3: تحقيق الاهداف .

ولكن بوجود العنصر السابق ذكره ستكون النتائج كالآتي :

1: تمكن الجيش الحر من اسقاط النظام .

2: طرد المحتل .



أما بالنسبة لتحقيق الأهداف فسيحدث نزاع بين قوى الجيش الحر نفسه, وبين القوى التي تشاركه . لاختلاف أهداف هذه القوى.أي أن الهدف المرحلي للكتلة الغربية في سوريا سيتحقق, وهو اسقاط نظام يتبع الكتلة الشرقية .



وهنا يجب الوقوف . هل غرض الكتلة الغربية فقط صنع نظام جديد, وجعله تابع للكتلة الغربية أم ستسعى إلى استخدام الفُرقة بين القوى المنتصرة ؟

إن شبح التقسيم ينال الخريطة السورية . ذلك أن العديد من القوى الثورية كانت تحمل في طيات دعواتها الثورية نوايا انشطارية . هذه النوايا تتصاعد حدتها تدريجيا . والتركيبة الجغرافية البشرية في سورية تساعد على هذا . فالتوزيع الجغرافي البشري يتطابق عرقيا ودينيا في الأراضي السورية . والاختلاط العرقي والديني على المستوى الجغرافي محدود للغاية .

وعليه فإنه مع وجود عنصر بشري جديد في معادلة الجيش الثوري (القوات الآتية من البلاد الأخرى لتنضم تحت لواءه أو لتقاتل إلى جواره تحت راية الجهاد!) سيكون السبب الرئيس في الوصول إلى نتيجة مفادها توازن الكتلة الغربية والكتلة الشرقية .وحينها ستلجأ هذه القوى الكبرى إلى الاتفاق على التقسيم . ولكن حين نعلم أن التقسيم هدف ثاني بالنسبة للكتلة الغربية في حالة عدم صنع نظام كامل يميل للغرب .فسنعرف أن ضخ قوى بشرية لصالح الجيش الحر هو في الحقيقة ضخ لقوى تساعد على التقسيم .بجانب قوى أصيلة داخل المجتمع السوري تطمح إلى التقسيم . ولكن هذه القوى تواجه عقبة ذلك أن تركيا وهي حليف مهم في الناتو بالنسبة للقضية السورية الآن لا يريد أبدا الاقتراب من مفهوم (التقسيم) لأن التقسيم سينتج عنه دولة كردية على حدوده .وهذه الدولة ستكون نذير قلق كبير داخل الأراضي التركية نفسها التي لم تتخلص بعد من القضية الكردية وإن استطاعت الوصول إلى حل مُعلق إلا أن القضية موجودة على الأرض .



إن القضية السورية قضية شائكة للغاية . ذلك أن النظام لا يحمل أي نوع من حُنكة إدارة الازمات .كذلك تورط القوى الثورية الحقيقية في شراكة قوى خارجية ستكون ضدها فيما بعد .



إن استمرارية القتال داخل الأراضي السورية سيؤدي حتماً إلى التقسيم رَغم اعتراض تركيا المتوقع .لكن حين نعلم أن تركيا حليف غير مستقر في حلف الناتو أو حليف مُغاير فسنعلم أيضا أن هناك مشكلة كارثية ستواجه النظام التركي الحالي . والذي سيرى حلف الناتو ضرورة التخلص منه لصالح التقسيم .ولصلح اهداف اخرى .ذلك أن منظومة (حصاد الحصاد- الاخوان المسلمين ) سقطت بالفعل في مصر. وسقوط حصاد دولة يعني سسقوط المشروع الغربي كله .ولا بديل الآن سوى مخطط التقسيم الذي كان سيكون مرحلة تالية ولكن جاء مبكرا بالنسبة للحسابات الغربية .وهذا ما يجعل الموقف الغربي متخبط بالنسبة لمصر بشدة الآن .





08/29/2013



مصرنا ©

نُشر بجريدة مصرنا .





via منتديات تغاريد http://vb.tgareed.com/t393311/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق